شبير شبير عضو نشيط
عدد المساهمات : 98 تاريخ التسجيل : 13/07/2008
| موضوع: زاد المــؤمــن الإثنين يوليو 28, 2008 4:05 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمــد لله الذي أعطى و جاد ، و الشكـر له أن هدانا سبيـل الرشــاد ، و أعز حركتنــا بالتضحية و الجهاد ، و الصــلاة و السلام على سيّــد الزهاد ، و السابق في تحصيل الزاد ليوم الميعاد ، و على آلـه و أصحابـه صفوة العباد ، الذي عافوا الراحة و الرقاد ، و زهدوا في دار البوار و الكساد ، و ختف حاديهم في كل واد .
خضعت نفسي للبــاري فسدت الكائنات .. .. .. أنا عبــد الله لا عبد الهوى و الشهوات
أيها الإخـوان الكــرام :
ما أجمل أن يرتشف العبـد من سلسبيــل الوحـي ما يقيه ظمأ الهواجر ، و يقتبس من سنــاه ما يبدد عتمة الدياجر ،و يتلو في الغـدو و الآصـال ، و عند بريـق الآمـال قـول الكبيـر المتعـال ( ( من كان يريد العاجــلة عجلنا فيها ما نشاء لمن نريد ، ثم جعلنا له جهنــم يصلاها مذموماً مدحوراً ، و من أراد الآخــرة و سعى لها سعيهـا و هو مؤمــن فأولئك كان سعيهم مشكــوراً ) ) .
إنه لبيان إلــهي يستأنس به الدعــاة إذا تزاحمت الشهـوات ، و تزينت لهم الفتـن بشتى المغريـات ، يحذرهم موارد الدنيا إلا من غرفة تبلغ المقيـل ، و تيسر الرحيـل ، و تخفف الحمل في سفر طويـل ، ثم يشعل همتـهم لسعي حثيث نحو دار المقـر ، ليأمنوا العطش في يوم شديد الحـر ، لا نجاة ولا مفـر ، إلا لمن أرصد له ما بهج و سـر ، و طرح في قلبه حب ما أتعب و ضـر ، و استظل بخيمة نصبها ابن القيــم للدعـاة و كتب على بابها " كن من أبنــاء الآخـرة ولا تكن من أبنــاء الدنيـا ، فإن الولـد يتبع أمــه " .
كم من دعــاةٍ تألقوا ، و طاروا على أجنحة الشهـرة و تسامقـوا ، و حين عنت لهم الدنيـا تسلقوا فتزلقـوا ، و ابن الجــوزي يهتف بهم ناصحـاً " شـراب الشهـوة حلــو و لكنه يورث الشَّــرَق " ، فما أفاقوا حتى أناخـت مطاياهم في قاع المعـرة ، و داهمهم الخـزي كرة بعد كرة ، ( ( و اتبعــوا الشهـوات فسوف يلقون غيـاً ) ).
كم من داعيـةٍ سطع و لمع ، و أشاروا إليه بالبنان في كل مجتمـع ، و حين تراقصت أمامه الدنيـا أغرته بالطمـع ، فانتكس و خنع ، و ابن الجـوزي يهامسه و يقول " أصـل الأصـول ترك التشــوف إلى الفضـول " ، و أبو سليمــان الدارانـي يهديه جواز النجاة ، فيه عصمةٌ للدعـاة ، فحـواه " من صـارع الدنيا صرعـته ، و ترك شهـوةً من الشهـوات أنفع للقلب من صيــام سنة " ، غير أنه اعرض و انصرف ، و اشرأب عنقه لللذاذةٍ أو ترف ، فنُزع عنه بهـاء الآدمية و الشـرف ، و مُسخ إلى بهيمة همها السقـاء و العلـف ، ( ( و من يهــن الله فما له من مكـرم ) ) .
كالهـر يخشى شرب ماءٍ بجـدولٍ .. .. .. و يشرب من أوساخ ماءٍ بحفـرةٍ
يا حملـــة اللـــواء ، و يا أصحــاب البيعــة و الوفــاء :
كتب علينا و نحن نسافر في قطار دعـوة الإخـوان ، أن نرنو إلى الجنـان ، و نغض الطرف عن دنيـا يشوبها كدرٌ و هـوان ، " فالدنيـا مجـاز و الآخـرة وطـن ، و الأوطـار إنما تطلب في الأوطـان " ، و الداعيـة إن شغلته مغانـم العاجلة عن معـارم الآجلة طال حزنه ، و خف وزنه ، و فصرت همته ، و تكدرت مسيرته ، و إن أراد الآخـرة ، وظف من أجل فكرته كل شيء و سخره ، دون أن يلتفت إلى زينةٍ فاخرة ، أو متعةٍ زاخرة ، و كان هو الأحــرى بقول عنتـرة .
ينبيك من شهد الوقيعة أنني .. .. .. أغشـي الوغي و اعـف عند المغنم
ان من يغار على سمات الدعـاة و سمعتهم النظيفة ، يأسف أن يرى من بعضهم تلهفـا على رتبة او وظيفة ، اذ كيف تقع الأُسـد على جيفـةٍ ..!!؟ ، و نسي هذا أو ذاك أن هذه النزعة الشائنـة لا تليق بأتباع دعـوة حصيفـة ، و لقد قيل " ما زالـت الدنيا لنا دار أذى ممزوجـة الصفو بألـوان القذى ".
و العجب حين ينجح هذا الداعيـة في تجاوز محطـات المحـن بكل شمـوخ و ثبـات ، ثم يهوي سريعاً في مستنقع الشهــوات ، و كأنه لم يقرأ لافتة في الطـريق الدعــوي عليها توقيع ابن القيـم بقوله القيــم " أغبـى الناس من ضـل في آخـر سفره و قد قارب المنـزل "، بل لعله غفل عن حكمةِ مجرب ، له في السبق قدم راسخ عبـد الرحمن بن عـوف ـ رضي الله عنه ـ يوم أطلقها شارة تحذير : " ابتلينــا بالضـراء فصبـرنا و ابتلينـا بالسـراء فلم نصبـر " ، فكم هذه الدنيا خطيرة ، و طوت الآلاف في ثبجها ، من المغفلين ، و اصطادتهم في شراكها ، حيث المشارب و المراكب و المناصب و المراتب فخسروا و ما لهم في الآخـرة من خـلاق ، إذا ليس يُجمع حب الدنيـا مع حب الديـن ، و هذا ما فهمته عجوزٌ سمعت شاباً يقول في الحرم : أهوى هـوى الدين و اللـذات تعجبني .. .. .. فكيف لي بهوى اللـذات و الديـن .!!
فقالت له : هما ضربتان ، فأمسـك أيتهما شئـت و طلـق الأخرى .
و لقد عُرفت أناسٌ وصلوا في الدعـوة إلى القمـة ، ترى أحدهم ينبري لإنجاز كل مهمة ، فلما التفت إلى المنصب باع الذمة ، و لحقت به المذمة ، حتى غدا صفراًَ لا يشفع ولا يرفع ولا ينفع ، بل يُدفع من رياض الدعوة و يُصفع .
أيهــا الإخـوان الأوفيــاء :
هي همسـةُ عتـابٍ معطـرةٌ بأنسـام البيعـة ، و قد عجنـت برحيق الغيـرة ، و صبت في قالب الإخـاء ، و طهيت بحرارة الشفقـة ، و طويت بغلاف المحبـة ، و قدمت على بساط التجـرد ، علها تُطبع على صفحة القلـب فيزهد , و معذرةً إلى الله فيشهد ، لجأنا إليها عندما رأينا تزاحماً من الشباب في طلب المساعدات و القروض ، و إحجاماً عند الواجبات و الفروض ، يلح أحدهم على إخوانه ليُقيّم بنقيبٍ أو رقيب ، و تراه مستنكفاً عن الأسر بشكل مريب ، إن سمع بمكسب هرول و أجاب ، و إن طولب بالاشتراكات لوى عنقه في استياء و اكتئاب ، حتى أن شوائب السخيمة بدأت تتسلل إلى صفاء الصف ، و المعصوم من ترفع و عفّ ، و و لذا بكى سفيــان الثوري يوماً فسأله أحد طـلاب : ما يبكيـك يا إمـام ؟ ، فرد بحـرقة المربـي الغيـور ، الذي آلمـه طلب العلم من أجل متـاع دنيوي محقور فقال : " لقد صرنـا يا بني متجـراً لطلاب الدنيـا " .
أيــها الأحـــبـــاب :
في غزوة بـدرٍ العبر ، و في مطلع الأنفـال الخبر ، فطـوبى لمن صان الإخاء بإعراضه عن دار الفناء ، و في أحـدٍ زجر و تأديب ، و تقويم و تهذيب ، فطـوبى لمن لزم القمة مع الرماة ، و أبى الهبوط طلباً لصفقة مزجاة ، و ترنم بنشيد الأبـاة .
كن كالصقـور على الـذرا تصغي لوسوسة القمر .. .. .. لا كالغـراب يطارد الجيف الحقير في الحفر
منقول من بيان | |
|